مطالب بالتحقيق في تصاريح طيران يُشتبه بنقلها أسلحة للدعم السريع دون علم الجيش

رصد: رقراق نيوز

كشفت مصادر مطلعة عن صدور تصاريح عبور لطائرات شحن عسكرية يُرجّح أنها استخدمت لنقل أسلحة لقوات الدعم السريع، عبر الأجواء السودانية في عام 2023، دون علم الجهات العسكرية العليا، مما أثار دعوات عاجلة لفتح تحقيق ومحاسبة المسؤولين عن إصدار هذه التصاريح.
وأفادت تقارير أن 109 رحلة جوية لطائرات شحن من طراز “إليوشن إيل-76” عبرت المجال الجوي السوداني في الفترة ما بين مايو ويوليو 2023، قادمة من الإمارات عبر أوغندا وجنوب السودان، قبل أن تحط في مطار أم جرس بتشاد، الذي يُعتقد أنه كان نقطة تفريغ أسلحة إلى الدعم السريع المنتشر في دارفور.
وأوضحت المصادر أن دائرة النقل الجوي التابعة للطيران المدني هي الجهة التي أصدرت هذه التصاريح دون تنسيق مع قيادة الجيش أو الحصول على موافقتها، رغم أن المجال الجوي السوداني كان مغلقًا أمام الطيران منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، باستثناء رحلات الإغاثة والإجلاء، بحسب قرار رسمي.
وتبين أن هذه الرحلات نُفذت بواسطة 9 طائرات تابعة لشركات مسجلة في أوكرانيا وقيرغيزستان، أبرزها “Fly Sky Airlines” و”Sapsan Airlines”. كما وردت معلومات عن إصدار فواتير مالية لتحصيل رسوم عبور الطائرات لاحقًا، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة لتضليل الجهات الرقابية وتغطية المسارات المشبوهة للرحلات.
وأكدت المصادر أن المجال الجوي لجنوب السودان، الذي عبرته هذه الطائرات، كان لا يزال تحت إشراف الملاحة الجوية السودانية في الخرطوم وفق اتفاق مبرم مع منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) منذ عام 2016.
وتصاعدت الدعوات لفتح تحقيق عاجل ومستقل يشمل كافة الأفراد والضباط العاملين في دائرة النقل الجوي خلال الفترة من مايو إلى سبتمبر 2023، بهدف تحديد الجهات التي أصدرت التصاريح ومحاسبة المتورطين في تسهيل ما يمكن اعتباره خرقًا أمنيًا خطيرًا يهدد السيادة الوطنية.
وتنص لوائح النقل الجوي السودانية على أن أي طلب لعبور الطائرات يجب أن يُقدم قبل 24 ساعة من الرحلة، متضمنًا بيانات التسجيل والحمولة ومواقع الإقلاع والهبوط، مع ضرورة الرجوع إلى وزارة الخارجية والجهات العسكرية في بعض الحالات، ما يعزز الشكوك بشأن وجود خلل أو تواطؤ داخلية في منح هذه التصاريح.
وأشارت مصادر ملاحية وعسكرية عن تفاصيل خطيرة حول استخدام الإمارات لخط جوي سري عبر أجواء السودان وشبكة مطارات أفريقية، لنقل شحنات أسلحة وعتاد حربي لصالح قوات الدعم السريع، منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، وسط مطالب متصاعدة بفتح تحقيق شامل مع الجهات المتورطة في منح تصاريح العبور الجوي دون علم القيادة العسكرية.

تفاصيل دقيقة لرحلات محملة بالسلاح

وفقًا لوثائق حصلت عليها “سودان تربيون”، عبرت 9 طائرات شحن عسكرية أجواء السودان بين 16 مايو و15 يوليو 2023 في 57 رحلة مؤكدة، ضمنها 39 رحلة نُفذت بواسطة شركة “فلاي سكاي إيرلاينز”، و10 عبر “سابسان”، و5 للطريق الجديد، و3 لشركة “زيتافيا”. وقد سُجلت الطائرات في أوكرانيا وقيرغيزستان، وتعود لشركات شحن معروفة بنقل العتاد العسكري.
كما أفاد “مرصد النزاعات” المدعوم من وزارة الخارجية الأمريكية، بتتبع 35 رحلة من الإمارات إلى مطار أم جرس في تشاد، استخدمت في نقل أسلحة إلى الدعم السريع، منها طائرات شاركت سابقًا في جسر جوي لدعم قوات خليفة حفتر في ليبيا.

مطار أم جرس… واجهة مستشفى أم منصة عسكرية؟

رغم إعلان الإمارات عن إنشاء مستشفى في منطقة أم جرس لعلاج اللاجئين السودانيين، فإن صور الأقمار الصناعية كشفت عن بنية عسكرية ضخمة في المطار، تشمل حظائر للطائرات وسواتر ترابية، أثارت الشكوك حول الاستخدام الحقيقي للمرفق، خاصة في ظل وجود آلاف اللاجئين في مدينة “أدري” لا في أم جرس.

تغيير المسار: من أم جرس إلى نيالا عبر الصومال وتشاد

تحت وطأة الضغوط الدولية، حولت أبوظبي مسار شحناتها الجوية إلى خط جديد أكثر تعقيدًا، يبدأ من القاعدة البحرية الإماراتية في بوصاصو بالصومال، ويمر عبر مطارات في نيجيريا وإفريقيا الوسطى وجيبوتي، ليستقر في مطارات “إنجمينا” و”أبشي” بتشاد، ثم إلى مطار نيالا الذي أعادت قوات الدعم السريع تشغيله في سبتمبر 2024.
أظهرت بيانات نظام “ADS-B Tracker” أن ما لا يقل عن 115 رحلة حطت في مطار نيالا، بعض منها أطفأ جهاز التتبع “ترانسبوندر” فور الإقلاع من إنجمينا، للتمويه عن وجهته النهائية. يُقدر وزن حمولة هذه الرحلات بـ100 إلى 120 طنًا، تشمل عتادًا متطورًا وحمايات جوية.

سلاح في الذهاب… ذهب وآثار في الإياب؟

أشارت المصادر إلى أن بعض الطائرات التي وصلت إلى مطار نيالا غادرته محمّلة بنفس وزن الوصول تقريبًا، ما أثار شبهة تهريب الذهب، النحاس، الصمغ العربي، وحتى آثار نادرة. كما يُرجح استخدامها في نقل جرحى الدعم السريع إلى الخارج.
يُذكر أن شركة “الجنيد” التابعة للدعم السريع تنقب عن الذهب في مناطق جنوب دارفور، وفرضت رسومًا عينية على المعدنين الأهليين. فيما أكد تقرير أممي بيع الدعم السريع لذهب مشترى من حركة تحرير السودان (عبد الواحد نور) بمنجم قرب جبل مرة.
وأشارت تقارير دولية إلى نهب شامل لمحتويات المتحف القومي في الخرطوم، عدا قطعة أثرية واحدة، إلى جانب نهب نيازك نادرة من معرض الظواهر الطبيعية.

الإمارات… رادار إسرائيلي لحماية خط الإمداد

وفي تطور لافت، نشرت صحيفة “ميدل إيست آي” البريطانية صورًا عبر الأقمار الصناعية، كشفت تركيب رادار عسكري إسرائيلي من طراز ELM-2084 في مطار بوصاصو، بغرض حماية الجسر الجوي من الهجمات الحوثية، ما يعزز الفرضيات حول تورط عسكري منظم في دعم الدعم السريع.