تحالف “صمود” يطرح رؤية ثلاثية المسارات لإنهاء الحرب السودانية

الدقير: لا مشاعر عداء تجاه الجيش ونسعى لحل تفاوضي شامل
صديق المهدي: حملات التشويه ضد القوى المدنية في انحسار
بابكر فيصل: لا مكان للمؤتمر الوطني في العملية السياسية المقبلة
القاهرة – رقراق نيوز
كشف تحالف القوى المدنية الديمقراطية لقوى الثورة السودانية (صمود) عن تفاصيل رؤيته السياسية المطروحة مؤخراً لإنهاء الحرب واستعادة الحكم المدني الديمقراطي، مؤكداً انفتاحه على النقاش والتطوير، وعدم استبعاد خيار عقد مؤتمر مائدة مستديرة لتوحيد رؤى القوى المدنية قبل تقديمها رسمياً لطرفي النزاع في السودان.
جاء ذلك خلال لقاء تنويري نظمته الأمانة العامة للتحالف بالعاصمة المصرية القاهرة، السبت، بحضور عدد من قياداته البارزة، من بينهم الأمين العام للتحالف المهندس صديق الصادق المهدي، والقياديان عمر الدقير وبابكر فيصل، إلى جانب قيادات أخرى مثل اللواء كمال إسماعيل، كمال بولاد، عبدالجليل الباشا، حمد موسى، وأسامة سيد أحمد.
## الاعتراف بالأخطاء والتأكيد على السلمية
وفي استعراضه للرؤية السياسية، أقر القيادي عمر الدقير بوقوع قوى الثورة في أخطاء خلال فترة الانتقال السابقة، وقال إنها خضعت لمراجعة نقدية عبر ورشة تقييم قوى الحرية والتغيير التي تم توثيقها في كتاب تجاوز 600 صفحة.
وأكد الدقير أن تحالف (صمود) يلتزم بالوسائل المدنية لإنهاء الحرب، مشدداً على استقلالية التحالف عن القوى المسلحة، قائلاً: “لا نحمل أي مشاعر كراهية تجاه الجيش كما يُروَّج، بل نعمل لإنهاء الحرب عبر الطريق التفاوضي”.
## ثلاثة مسارات متكاملة لإنهاء الحرب
استعرض الدقير محاور الرؤية التي تقوم على ثلاثة مسارات متكاملة:
- وقف إطلاق النار.
- المسار الإنساني لإيصال المساعدات.
- المسار السياسي لتحقيق سلام مستدام.
وحذر من محاولة الفصل بين هذه المسارات، مشدداً على أن نجاحها مرهون بتكاملها معاً.
وكشف عن تسليم الرؤية لعدد من الكيانات السياسية، بينها الكتلة الديمقراطية، تحالف تأسيس، تحالف دكتور التجاني السيسي، وحزب الأمة برئاسة مبارك الفاضل، بهدف التشاور حولها قبل طرحها على طرفي النزاع.
كما لمح الدقير إلى إمكانية عقد مؤتمر مائدة مستديرة بمشاركة القوى المدنية الداعمة والمستقلة، مع استبعاد حزب المؤتمر الوطني المحلول، الذي وصفه بأنه “اختار عزل نفسه بإصراره على الحرب والسعي لاستعادة التمكين”.
## لا مكان للمؤتمر الوطني في المشهد السياسي
من جانبه، شدد القيادي بابكر فيصل على أن الرؤية تستبعد المؤتمر الوطني المحلول وواجهاته، معتبراً إشراكه بمثابة “مكافأة على الانقلاب وإشعال الحرب”.
وقال فيصل إن مقارنة استبعاد الحزب المحلول بنموذج المصالحة في جنوب إفريقيا غير دقيقة، موضحاً أن نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا أقر بفشل تجربته وفتح حواراً مع قادة التحرر، بينما لا يزال المؤتمر الوطني يرفض الاعتراف بفشله أو بسقوطه عبر ثورة ديسمبر.
وأكد أن الحزب المحلول تحول إلى مليشيا مسلحة، يرفض وقف الحرب ويصر على إعادة التمكين، مما يجعل إشراكه تهديداً مباشراً لأي انتقال ديمقراطي واستقرار مستقبلي.
## لماذا انتقال مطول دون انتخابات؟
رداً على أسئلة المشاركين حول تبني التحالف لفترة انتقالية تمتد لخمس سنوات دون شرعية انتخابية، أوضح الدقير أن التجربة السودانية أثبتت أن فترات الانتقال القصيرة أدت إلى ترحيل الأزمات للحكومات المنتخبة.
وأشار إلى تجربة ما بعد انتفاضة أبريل 1985 التي انتهت بفترة انتقالية لعام واحد دون معالجة القضايا الجوهرية، وعلى رأسها الحرب في جنوب السودان حينها.
وأكد أن الانتقال الطويل يهدف إلى معالجة القضايا الوطنية الكبرى بالتوافق لا بالأغلبية، بما في ذلك إصلاح مؤسسات الدولة، وإعادة بناء الجيش، وتحقيق السلام المستدام.
## علاقة الدين بالدولة.. والنصوص الغائبة
وحول غياب نصوص واضحة تتعلق بالقضايا الخلافية، خاصة علاقة الدين بالدولة، أوضح الدقير وفيصل أن الرؤية تناولت ذلك ضمن المبادئ العامة، وتحديداً في بند المواطنة المتساوية التي ترفض أي شكل من أشكال التمييز الديني أو العرقي أو الثقافي.
كما أشارا إلى استمرار الحوار مع الحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور للوصول إلى اتفاق حول هذه القضايا العالقة.
## السلاح يهدد أي عملية انتخابية
حذر بابكر فيصل من أن انتشار السلاح بشكل كثيف، الذي تجاوز قبل الحرب 4.5 مليون قطعة، وتضاعف بعدها مع تفشي المليشيات، يجعل فكرة تنظيم انتخابات في الظروف الحالية مستحيلة.
وشدد على أن أي انتقال مستدام يتطلب معالجة ملف تعدد الجيوش أولاً، قائلاً: “لم ندعُ لحل الجيش… مطلبنا هو جيش قومي مهني موحد”.
## الإعلام المضلل.. ومعركة الرأي العام
وفي معرض حديثه عن حملات التشويه ضد القوى المدنية، قال الأمين العام صديق الصادق المهدي إن الإعلام الممول من القوى المناهضة للثورة أنفق مليارات الدولارات على حملات تشويه مضللة، لكنه بدأ يتراجع.
وأضاف: “نهبونا أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً… لو دفعوا 200 مليون دولار منها للإعلام، فهذا سبب تفوقهم في الحرب الإعلامية، ولكن رغم ذلك، بدأ هذا الإعلام يتراجع أمام الحقيقة”.
## تحذير من سلام هش
حذر فيصل من أن فشل القوى المدنية في بلورة رؤية شاملة سيفتح الباب أمام فرض سلام مؤقت من قبل أطراف الحرب، سيكون هشاً وعرضة للانهيار.
كما دعا القوى المدنية إلى التعامل بواقعية مع التغيرات الإقليمية والدولية، خصوصاً توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة التي باتت تنظر إلى إفريقيا من زاوية محاربة الإرهاب وتأمين الموارد، مما يتطلب طرح رؤية متوازنة تراعي هذه المصالح.