اجتماع واشنطن المرتقب: خطة أمريكية بمسارين لوقف حرب السودان وتوافق رباعي يُرسم خلف الكواليس

رصد: رقراق نيوز

يترقّب السودانيون باهتمام بالغ الاجتماع الحاسم للجنة الرباعية الدولية، المقرّر انعقاده في العاصمة الأميركية واشنطن يوم 29 يوليو الجاري، وسط آمال بأن يشكل الاجتماع نقطة انطلاق جادّة نحو إيقاف الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، والتي مزّقت البلاد وفاقمت المعاناة الإنسانية.

اللجنة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، ومصر، تسعى لرسم خارطة طريق واقعية لوقف إطلاق النار، وفق مسارين متوازيين؛ أحدهما أمني لإنهاء القتال وتثبيت الهدنة، والآخر سياسي يُمهّد لحوار سوداني شامل ينهي النزاع ويعيد البلاد إلى مسار الانتقال الديمقراطي.

ورغم غياب الأطراف السودانية الرئيسية عن الاجتماع، سواء الجيش أو الدعم السريع أو القوى المدنية، إلا أن طابع اللقاء استكشافي، يهدف لتوحيد الرؤية الإقليمية والدولية حول صيغة توقف الحرب وتحمي وحدة البلاد.

تباين مصالح.. لكن واشنطن تضغط

قال مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لشؤون أفريقيا، إن إدارة ترمب تولي الأزمة السودانية اهتمامًا خاصًا، وتسعى للتوصل إلى اتفاق ملزم يضع حدًا للحرب، مؤكداً وجود قنوات تواصل مستمرة مع طرفي النزاع، مباشرة أو عبر وسطاء.

وأضاف أن نجاح اجتماع الرباعية يتوقف على مدى التفاهم بين أعضائها حول آليات وقف النار، لكنه أقرّ بوجود تضارب محتمل في المصالح، قد يعقّد المشهد، مشددًا على أن واشنطن تمتلك أدوات ضغط فعّالة حال تم التوصل إلى اتفاق.

مخاوف من تمدد النزاع ومآلاته الإقليمية

مصادر دبلوماسية سودانية أفادت لصحيفة “الشرق الأوسط” أن اللقاء سيركز على بلورة موقف رباعي موحّد من تطورات الحرب في السودان، دون التعويل على نتائج فورية، لكنه قد يُفضي إلى إعلان مبادئ يحدد الخطوة التالية في المسار التفاوضي.

وأكدت تلك المصادر أن ملف السودان صعد في أولويات الإدارة الأميركية، خصوصًا بعد تنامي المخاوف من توسع النفوذ الروسي والإيراني في البحر الأحمر، ما يهدد أمن المنطقة ويقلق شركاء واشنطن الخليجيين.

وثيقة المنامة تعود إلى الواجهة

رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي كشف أن الوثيقة الأميركية المنتظر اعتمادها خلال الاجتماع تستند إلى اتفاق المنامة الموقع في يناير الماضي بين قيادات عسكرية من الجيش والدعم السريع، والذي تضمن مبادئ لحل الأزمة عبر حوار شامل يقود إلى حكم مدني.

وأوضح أن الوثيقة الأميركية الجديدة قد تُعرض على قادة الحرب لتوقيعها في مرحلة لاحقة، بعد إجازتها من الدول الأربع، وأنها قد تحمل قرارات غير قابلة للرفض بوقف القتال وفتح ممرات إنسانية.

خبراء: منبر جدة أساس مهم.. لكن واشنطن تملك مفاتيح الحسم

من جهته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية د. حمد عمر الحاوي أن منبر جدة، الذي رعته الولايات المتحدة والسعودية، يشكل قاعدة صلبة يمكن البناء عليها، مشيرًا إلى أهمية مبادرة واشنطن في إعادة تفعيل المسار، خاصة في ظل شلل الجهود الإقليمية الأخرى.

رسائل ما قبل القمة

التحركات الأميركية المكثفة تعكس إدراكًا متزايدًا بخطورة استمرار الحرب، لا سيما مع تصاعد النشاط الإرهابي وتدهور الأمن الإقليمي، وفق ما حذرت منه قيادات سودانية، أكدت أن غياب الحل السياسي يعني اتساع رقعة الفوضى، وتهديد أمن المنطقة بأسرها.

وبينما تتكثف الاستعدادات لعقد الاجتماع، تبقى الأنظار معلقة على ما سيخرج به من تفاهمات أولية أو إعلانات سياسية، قد تشكل نقطة تحوّل في مسار الأزمة، أو تُمهّد فقط لجولة جديدة من التعقيد والانتظار.