
التحرير عهد الشرفاء: الحرية لا تُمنح بل تُنتزع
بقلم: نضال طبيق
القصر الجمهوري ليس مجرد مبنى إداري أو مقر للحكم، بل هو رمز للسيادة الوطنية ومركز اتخاذ القرار، حيث تصدر منه التوجيهات التي تمس مصير الوطن وشعبه. لذلك، فإن تحريره واستعادة الشعب لسلطته وفرض إرادته لم يكن مجرد انتصار عسكري، بل هو تتويج لمسيرة طويلة من التضحيات وبطولات لا تُنسى.
لقد أثبت السودانيون أن إرادة الشعوب لا تُقهر، وأن الأمم التي تثور من أجل حريتها لا تعود إلى القيود. تحرير القصر الجمهوري هو استعادة لهوية مسلوبة، وسيادة مُغتصبة، وحقوق مشروعة طال انتظارها. فكل من يؤمن بحقه في الحرية قادر على تحقيقها، لأن الطغيان مهما طال أمده، مصيره إلى الزوال.
لم تكن معركة تحرير القصر الجمهوري مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت اختبارًا للإرادة الوطنية وصراعًا بين الحق والباطل. في معارك الحرية، تُسفك الدماء وتُقدَّم التضحيات، لأن الأوطان لا تُستعاد بلا مقاومة، ولأن الحرية لها ثمنها الغالي. من هذا المنطلق، أصبحت القوات المسلحة إرثًا خالدًا يُحفظ في ذاكرة الأجيال، فهي التي حملت لواء الكرامة وصانت السيادة في لحظات الحسم.
لم يأتِ هذا النصر بلا ثمن، لقد فقد الوطن الكثير من أبنائه الذين قدموا أرواحهم فداءً لكرامته وعزته. لكن كما أن للحروب أبطالها، فلها أيضًا تداعياتها الكارثية. فالقتال المستمر ترك آثارًا نفسية واجتماعية واقتصادية خطيرة، وأدى إلى موجات نزوح وهجرة، وزعزع الاستقرار السياسي والاجتماعي. ومع ذلك، فقد شكّل تحرير القصر الجمهوري نقطة تحوّل فارقة في معركة الكرامة، حيث قصم ظهر العدو ورفع الروح المعنوية للقوات المسلحة ولكل الشعب السوداني، الذي ظل صابرًا وصامدًا على مدار عامين من الصراع.
لقد كان تحرير القصر الجمهوري وعدًا قطعه الجيش للشعب السوداني، ومع توالي الضربات والانتصارات، تهاوت قوى العدو التي فقدت مراكز سيطرتها وانفرط تنظيمها، ليُثبت السودانيون مرة أخرى أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع انتزاعًا.
بهذا النصر، يفتح السودان صفحة جديدة في تاريخه السياسي، نحو استعادة الاستقرار وإعادة بناء الدولة على أسس العدل والحرية والديمقراطية، مؤكدين أن الشعوب التي تثور من أجل كرامتها، لا ترضى بالعبودية أبدًا.