«شمس» تتألق في الشهادة السودانية بعد رحلة شاقة من تشاد بطول 2000 كيلومتر

رصد: رقراق نيوز
أحرزت الطالبة شمس الحافظ عبد الله من ولاية غرب دارفور نسبة 94.7%، محرزة المركز التاسع على مستوى السودان في امتحانات الشهادة الثانوية، بعد أن قطعت مسافة تجاوزت 2000 كيلومتر من مدينة أبشي شرقي تشاد إلى مدينة الدامر بولاية نهر النيل، متحدية ظروف الحرب والشتات.
ووجدت قصة شمس تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، باعتبارها نموذجًا للإصرار والتفوق رغم المعاناة، بعد أن اضطرت إلى مغادرة تشاد، حيث كانت تقيم مؤقتًا عقب النزوح من مسقط رأسها في الجنينة، في ظل رفض السلطات التشادية تنظيم الامتحانات على أراضيها، وفقًا لوزارة الإعلام السودانية.
الطلاب في مواجهة الحرب
لم تكن رحلة شمس سوى واحدة من قصص كثيرة لطلاب خاضوا مغامرات محفوفة بالمخاطر في سبيل أداء الامتحانات. فقد وثقت وسائل الإعلام وناشطون مواقف درامية وأخرى مأساوية، بينها عبور طلاب من مدينة القطينة إلى الدويم على متن قوارب عبر نهر النيل في ولاية النيل الأبيض، وسط ظروف أمنية هشّة.
وبحسب مصادر رسمية، تخلف قسرًا نحو 157 ألف طالب وطالبة عن أداء الامتحانات، بسبب وقوع ولاياتهم تحت سيطرة قوات الدعم السريع، ما عمّق مخاوف انقسام العملية التعليمية بين مناطق النفوذ المتنازعة.
الامتحانات تحت نيران الحرب
شهدت امتحانات هذا العام تخبطًا إداريًا وأمنيًا غير مسبوق. ففي مدينة النهود أُلغيت الجلسات لدواعٍ أمنية، بينما فوجئ الطلاب السودانيون في الرياض بتغيير مركز الامتحان في اللحظة الأخيرة.
كما قررت وزارة التربية والتعليم السودانية تعديل توقيت الجلسات إلى الثانية والنصف ظهرًا وحتى الخامسة مساءً، بالإضافة إلى قطع خدمة الإنترنت يوميًا أثناء أوقات الامتحان، ضمن إجراءات أمنية مشددة.
وأقيمت الامتحانات في ولايات محدودة تعتبر “آمنة نسبيًا” مثل الجزيرة، الخرطوم، النيل الأزرق، والنيل الأبيض، على وقع دوي المدافع والطائرات الحربية.
انهيار التعليم في السودان
أظهرت إحصائيات منظمة اليونيسيف أن الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 حرمت نحو 12 مليون طالب وطالبة من مواصلة تعليمهم في جميع المراحل، وسط أزمة إنسانية متفاقمة.
من جهتها، ذكرت وزارة التربية والتعليم أن عدد الطلاب المسجلين للجلوس للامتحانات المؤجلة بلغ 343 ألف طالب وطالبة، من أصل نصف مليون، إلا أن العدد تقلّص بعد سقوط آلاف أرقام الجلوس وتأجيل الجلسات في ولايتي جنوب وغرب كردفان.
إصرار رغم الانقسام
ورغم رفض قوات الدعم السريع للامتحانات واعتبارها “عامل انقسام إضافي”، مضت حكومة بورتسودان في تنفيذ الجلسات داخل المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش، في خطوة اعتبرها كثيرون محاولة للحفاظ على ما تبقى من نظام التعليم المنهار.
وفي خضم هذه الظروف، تُعد قصة شمس الحافظ شهادة حية على قدرة الإنسان السوداني، وخاصة النساء، على تجاوز المحن، وإبراز الأمل وسط الرماد.