“والي غرب دارفور في حوار الراهن: كارثة مركبة في شرق تشاد… وتحذيرات من سيناريو أسوأ “

بحر الدين آدم كرامة: المليشيات تسيطر على أجزاء واسعة… ونطالب بتدخل دولي عاجل

قاعدة بيانات دقيقة للنازحين… وفرق ميدانية تتفقد أحوالهم يوميًا

ملف الانتهاكات في الولاية على طاولة العدالة… لا مساومة مع أي مجرم

حوار : خضر مسعود

أكد والي غرب دارفور، بحر الدين آدم كرامة، أن الولاية تمر بمرحلة أمنية حساسة للغاية، وأن الوضع الإنساني بلغ مستويات حرجة تهدد الاستقرار الإقليمي إذا لم يتدخل المجتمع الدولي بشكل عاجل وفاعل. جاء ذلك في حوار خاص تناول فيه الوضع الأمني، وأوضاع النازحين واللاجئين، واستجابة المجتمع الدولي، إضافة إلى ملف الانتهاكات وأدوار المجتمع المحلي والإدارات الأهلية.

 

الوضع الأمني: خطة متدرجة لاستعادة السيطرة

قال الوالي إن الوضع الأمني في ولاية غرب دارفور يمر بمرحلة حرجة وحساسة، حيث ما زالت أجزاء واسعة من الولاية تحت سيطرة المليشيات، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين واستقرار المجتمع.

وأضاف في حوار مع (رقراق) أن القوات النظامية والأجهزة الأمنية الشرعية تبذل جهودًا استثنائية لاستعادة السيطرة وفرض سيادة القانون رغم التحديات الكبيرة، موضحًا أن الحكومة تعمل وفق خطة أمنية متدرجة تبدأ بتأمين المناطق الاستراتيجية وحماية طرق الإمداد، وصولًا إلى تحرير كامل أراضي الولاية وإعادة الحياة الطبيعية.

 

أوضاع النازحين واللاجئين: قاعدة بيانات دقيقة وتفقد يومي

أوضح كرامة أن حكومة الولاية تمتلك قاعدة بيانات متكاملة ومحدثة، أُعدت بالتعاون مع الإدارات الأهلية واللجان الميدانية، تحدد بدقة أعداد وأماكن تواجد النازحين واللاجئين، سواء داخل السودان أو في مخيمات شرق تشاد.

وأشار إلى أن الفرق الميدانية التابعة للحكومة تتواجد يوميًا لتفقد أحوالهم، ورصد احتياجاتهم، وتنسيق إيصال المساعدات بالتعاون مع المنظمات الإنسانية، مؤكدًا أن هؤلاء المواطنون “أمانة في أعناقنا، ومسؤوليتنا تجاههم ثابتة ولن نتخلى عنهم تحت أي ظرف”.

 

الاستجابة الدولية: وعود محدودة وإجراءات غير كافية

وحول استجابة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لإغاثة لاجئي شرق تشاد، قال الوالي إن ما وصل حتى الآن “لا يرقى إطلاقًا إلى مستوى الكارثة الإنسانية”. وأضاف: “نعم، تلقينا وعودًا من الأمم المتحدة وبعض المنظمات، لكن التنفيذ على الأرض محدود جدًا. نحن نطالب بتدخل عاجل، منسق وفاعل، يوازي حجم المأساة التي تهدد حياة مئات الآلاف، ونؤكد أن أي تأخير سيضاعف الكارثة ويجعل احتوائها أكثر صعوبة”.

 

استجابة ضعيفة للنداءات الإنسانية

وفي تقييمه لاستجابة المنظمات والداعمين لنداءات الولاية بشأن أوضاع النازحين، قال كرامة: “حتى الآن، الاستجابة لا ترقى إلى حجم المأساة، رغم بعض المبادرات المحدودة من منظمات وطنية ودولية. نحن نثمّن أي جهد يُبذل، لكن حجم الكارثة يتطلب تدخلاً أكبر وأكثر تنسيقًا، وما زلنا نوجه نداءاتنا للمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للإيفاء بمسؤولياتها تجاه الوضع الإنساني المتدهور”.

 

كارثة مركبة في شرق تشاد وتوقعات قاتمة

وحذّر الوالي من أن أوضاع اللاجئين في شرق تشاد تشكل “كارثة إنسانية مركبة”، حيث يعيشون في ظروف تجمع بين آثار العنف والنزوح القسري، وانهيار شبه كامل للخدمات الصحية والتعليمية، وانتشار الأمراض، وشح الغذاء.

وأضاف أن دخول موسم الأمطار وتزايد رقعة الجفاف والمجاعة في دارفور يضاعف المخاطر، مؤكدًا أنه “إذا لم يتحرك المجتمع الدولي فورًا، فإننا أمام سيناريو كارثي يهدد الاستقرار الإقليمي بأسره”.

 

أزمة تمويل قاتلة تهدد حياة الآلاف

وتعليقًا على تحذيرات انتشار المجاعة في دارفور وكردفان، ومع حصول مفوضية اللاجئين على 20% فقط من أصل 409 ملايين دولار طلبتها لدعم اللاجئين في 2025، قال الوالي: “الوضع الإنساني على شفا هاوية، والمجاعة إذا تمددت ستدفع بموجات نزوح جديدة نحو تشاد، ما سيزيد الضغط على الموارد الشحيحة أصلًا. الفجوة التمويلية قاتلة، ونوجه نداء عاجلًا للمجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية لسدها فورًا، لأن التأخير يعني المزيد من الأرواح المهددة”.

 

ملف الانتهاكات: لا تسامح مع المجرمين

وأكد كرامة أن ملف الانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع ضد مواطني الولاية، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية والمجازر الجماعية وجرائم الحرب، هو في صدارة أولويات الحكومة.

وأوضح أنه على الصعيد المحلي، تم فتح بلاغات جنائية موثقة بالأدلة والشهادات، وعلى الصعيد الدولي هناك اتصال مباشر مع منظمات حقوق الإنسان والمحاكم المختصة لضمان تقديم كل مرتكبي هذه الجرائم للعدالة. وأضاف: “لا مساومة ولا تسامح مع أي مجرم، والعدالة قادمة لا محالة”.

 

دور المجتمع المحلي والإدارات الأهلية

أشاد الوالي بدور الإدارات الأهلية والمجتمع المحلي، مؤكدًا أنهم شكلوا “ركيزة أساسية في رصد الأوضاع، وتنسيق الجهود، ورفع التقارير لحكومة الولاية”.

وأشار إلى أنه تم توجيههم رسميًا للقيام بعمليات الحصر والمتابعة، وتقديم المقترحات حول الأولويات والاحتياجات، وكان لهم دور بارز في دعم التعايش والتخفيف من التوترات داخل المجتمعات المستضيفة.

 

الإدارة الأهلية: عمود فقري للنسيج الاجتماعي

واختتم كرامة حديثه بالتأكيد على أن الإدارة الأهلية كانت وما زالت تمثل العمود الفقري للنسيج الاجتماعي في الولاية، وهي شريك أساسي في حفظ الأمن وتعزيز التماسك المجتمعي.

وقال إن خطة ما بعد تحرير الولاية تركز على دمجها في منظومة إدارة الأزمة، وتوسيع دورها في المصالحات وحل النزاعات بالطرق التقليدية، ودعم جهود الحكومة في إعادة الاستقرار، إضافة إلى دورها المحوري في تهيئة بيئة العودة الطوعية للنازحين واللاجئين وضمان استقبالهم بما يحفظ كرامتهم وأمنهم.