رحلات العودة الطوعية: أكثر من 1500 سوداني يغادرون القاهرة عبر القطار السادس

القاهرة: رقراق نيوز

في مشهد إنساني مفعم بالأمل والحنين، غادر صباح اليوم الأربعاء من محطة رمسيس بالعاصمة المصرية القاهرة القطار السادس ضمن مبادرة العودة الطوعية، وعلى متنه أكثر من 1500 مواطن سوداني متجهين إلى بلادهم، في رحلة مجانية برعاية منظومة الصناعات الدفاعية.

القطار الذي يحمل الرقم (1940) انطلق في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف صباحًا، قاطعًا مسافة طويلة نحو محطة السد العالي بمدينة أسوان، حيث من المنتظر أن يصل في الساعة الحادية عشرة مساءً، ليكون بذلك حلقة جديدة في سلسلة قطارات العودة التي باتت تمثل جسرًا إنسانيًا بين السودان ومصر.

وداع تختلط فيه الدموع بالدفوف

قبل لحظة الانطلاق، تحولت محطة رمسيس إلى ساحة وداع استثنائية، تمازجت فيها مشاعر الفرح والحزن معًا. فقد ودّع السودانيون أرض الكنانة على وقع الأناشيد الصوفية والدفوف التي أضفت طابعًا روحانيًا على المشهد. ارتفعت الأعلام السودانية في أيدي الأطفال، فيما سالت دموع الكبار بين ابتهاج بالعودة إلى الوطن وتقدير لمصر التي احتضنتهم خلال فترة الحرب والنزوح.

أحد العائدين عبّر قائلاً: “سنظل ممتنين لمصر حكومة وشعبًا، لكن لا شيء يضاهي العودة إلى أرض الوطن مهما كانت الظروف”.

فئات متنوعة ومناطق متعددة

القطار السادس ضمّ بين مقاعده طيفًا واسعًا من السودانيين، شمل معلمين، ومنسوبي السلطة القضائية والنيابة العامة، إلى جانب مواطنين من مختلف المناطق والولايات مثل بحري، جبل أولياء، شرق النيل، النيل الأبيض والجزيرة. هذا التنوع يعكس شمول المبادرة التي تستهدف كل الفئات دون استثناء، وتوفر وسيلة آمنة ومنظمة للعودة إلى السودان.

تزايد الأعداد وتوسعة المشروع

رحلة اليوم تأتي في إطار التوسع الملحوظ لمشروع العودة الطوعية، إذ شهد الأسبوع الجاري حدثًا استثنائيًا بتسيير قطارين في يوم واحد لأول مرة، حمل الأول 1300 مواطن والثاني 1500 مواطن.

ووفقًا للإحصاءات الرسمية، فقد شهد الأسبوع الثاني من أغسطس الجاري وحده عودة 2537 شخصًا، فيما تجاوز عدد المغادرين عبر القطارات منذ بداية المشروع حاجز 6000 شخص. أما حصيلة المشروع منذ انطلاقه فقد بلغت قرابة 55 ألف مواطن سوداني عادوا من مصر إلى السودان.

تعاون سوداني – مصري

وتتم هذه الرحلات بالتنسيق الكامل بين الجهات السودانية والمصرية، لضمان سلاسة الإجراءات وحماية حقوق العائدين، مع توفير الدعم اللوجستي والطبي والخدمات الأساسية خلال الرحلة وحتى الوصول إلى الأراضي السودانية.

ويؤكد القائمون على المبادرة أن الهدف الأساس هو تأمين عودة كريمة وآمنة ومنظمة لكل من يرغب في العودة إلى وطنه في ظل الظروف الراهنة.

رحلة القطار السادس لم تكن مجرد وسيلة نقل، بل جسدت ملحمة إنسانية تعكس تمسك السودانيين بجذورهم وأرضهم رغم قسوة النزوح، وأظهرت في الوقت ذاته عمق الروابط بين الشعبين السوداني والمصري، حيث امتزجت مشاعر الوداع بحفاوة الاستضافة والتقدير.