فوضى المضاربات وشح السيولة يدفعان العملة الوطنية لمزيد من النزيف

رصد / رقراق نيوز

سجل الجنيه السوداني، في تداولات اليوم، انخفاضاً قياسياً جديداً أمام الجنيه المصري، مسجلاً أدنى مستوى له في تاريخ التعاملات المالية بين العملتين، وذلك في ظل موجة من الاضطراب ضربت أسواق الصرف الموازية (السوق السوداء) في كل من القاهرة والخرطوم.

 وكشفت مصادر مصرفية ومتعاملون في سوق النقد الأجنبي، أن سعر التحويل عبر التطبيقات البنكية (وعلى رأسها تطبيق “بنكك”) شهد قفزة مفاجئة في أسعار الجنيه المصري مقابل السوداني.

وأرجع المتعاملون هذا التدهور السريع إلى زيادة الطلب الهائل على العملة المصرية من قبل السودانيين المقيمين في القاهرة لتغطية نفقات المعيشة والإيجارات، مقابل شح حاد في المعروض.

وأفاد شهود عيان في مناطق تجمعات السودانيين بالجيزة والقاهرة، أن سماسرة العملة توقفوا عن البيع في ساعات الصباح الأولى لتقييم السعر الجديد، مما خلق حالة من الهلع والضبابية، قبل أن تعود التداولات بأسعار “كارثية” كسرت الحواجز السابقة، مما يعني تآكل مدخرات السودانيين بشكل متسارع.

 ويرى محللون اقتصاديون أن هذا الهبوط المريع لم يكن مفاجئاً، بل هو نتيجة طبيعية لعدة عوامل متراكمة:

 الشلل التام للصادرات السودانية التي كانت ترفد الخزينة بالنقد الأجنبي.

دخول تجار الأزمات على الخط لشراء العملات الصعبة (الدولار والجنيه المصري) وتخزينها كأوعية ادخارية آمنة بدلاً من العملة السودانية المتذبذبة.

تزايد الضغط على الجنيه المصري مع حلول مواعيد سداد الإيجارات والمصروفات الدراسية للأسر السودانية الكبيرة المتواجدة في مصر.

وألقى هذا الانهيار بظلاله الكئيبة على مئات الآلاف من الأسر السودانية اللاجئة في مصر. ويقول (ع. م)، وهو رب أسرة يقيم في فيصل: “ما يحدث هو كارثة بكل المقاييس. كنا نعتمد على تحويلات الأهل من السودان أو بيع بعض المدخرات، لكن الآن المبلغ الذي كان يكفينا لشهر، أصبح لا يكفي لأسبوع واحد.

الجنيه السوداني أصبح بلا قيمة، والإيجارات في مصر ترتفع، نحن بين مطرقة الحرب وسندان الغلاء”.

 وفي ظل غياب أي تدخل رسمي ناجع من البنك المركزي السوداني لضبط الكتلة النقدية أو توفير موارد حقيقية، يتوقع الخبراء أن يواصل الجنيه رحلة الهبوط الحر، محذرين من أن استمرار الحرب يعني استمرار استنزاف العملة الوطنية حتى تفقد وظيفتها تماماً كوسيط للتبادل، مما يضع السودانيين في الداخل والخارج أمام سيناريوهات اقتصادية بالغة التعقيد.