هلاوي وزيدان.. جدارية تحريض الفراش ضد نهر القاش

توثيق: رقراق نيوز
نهر القاش بولاية كسلا السودانية من الأنهار الموسمية رغم موسميته يعتبر من الانهر الخالده لأرتباط حياة الناس في تلك المنطقة بجريانه، حتي لحظات غضبة وفوران مياهه والتي تصادف هذه الايام “فيضان القاش”، أهل كسلا يستلهمون منه المحبة والالفة والانس الجميل الشاعر عبدالوهاب هلاوي أبن كسلا الوريفة يستل سيف التساؤل من غمد الوقت ويباغت اللحظة باستجواب الفراشات بخبث عن هوية الجاني الذي علمها الوقوع في أحابيل غواية نهر القاش؟
(مين علمك يا فراش
تعبد عيون القاش)
وعلى الرغم من أن التساؤل يبدو بريئا، إلا أن ثمة لوم خفي يخبأ في ركام الأحرف، لوحة الخضرة وهمس النسيم فتانة أريد بها باطل، يحط الفراش على وردة قرمزية مبللة بالندى مأخوذًا بوسامة المنظر متماهيًا في غيبوبة اللحظة، ( الخضرة في الضفة وهمس النسيم الماش).
يتغافل الفراش عن احتمالية تبدل الأجواء وغش الزمن ( غافل وما عارف إنو الزمن غشاش)، وسرعان ما يبرز السؤال المتحدي المباغت: بالله ليه يا فراش خلاك وراح القاش؟ في عتاب يضمخ سموات الفراش بشجن فوات حبيبه.
يتصاعد نسق النص وزيدان إبراهيم يستعرض ملكاته الصوتية وقدراته التطريبية واصفا صورة عبر صوته ( القاش وشمس الصيف والقيف يعاين القيف)، حيث يسلط الضوء على النهر الجاف موسمَ الْجدب والشمس جعلت الضفة تناظر الضفة في أسًى وصبابة، الفراش تتناثر أدمعه على الرمال في بكائية حرى على فراق المحبوب وتحكي شوقه لمعانقته ( والدمعة في الرملة ما بتحكي شوقك كيف ).
ثمة بارقة أمل تلوح في أفق القصيدة والفنان ينتقل بصوته إلى منطقة القرار ليبعث شعاع أمل واطمئنان بحتمية عودة النهر محملا بالحنان ( باكر بعود القاش ترجع عيونه حنان ).
غير أن الشاعر يعاود سكرات العتاب محرضا الفراش ومذكرا إياه بلحظات هروب النهر تاركا الفراشات لجحيم المأساة وتراجيديا الجفاف والغياب.
( لكني لو زيك لو جار حبيبي زمان )، هلاوي يضع نفسه مكان الفراش ويحذره من مغبة مسامحة النهر طالما جار وخانه مسبقا ( ما اظن أعود يا فراش لي زول نساني وفات ) إذ يتغلب الكبرياء على الحنين وينتصر العناد على من نسي وتناسى ورحل حين يعود.
زيدان يطوع الموسيقا ليرسم لوحة الإغراء ( وتطير تداعب الموج بجناح نسيم ريان ) ويعيد المقطع وكأنه يذكر الفراش بالأنفة ويحذره من الانصياع للحنين، ويختم الأغنية بإصرار موسيقي حاسم ليتصاعد من فوهة الساكسفون بارود التحدي.