ترشيحات تُشعل الكواليس… كامل إدريس بين ضغوط الفصائل وحسابات البرهان

رصد: رقراق نيوز

يواجه رئيس الوزراء السوداني المكلّف، د. كامل إدريس، جولة جديدة من الجدل السياسي، مع دخوله في مشاورات مكثفة لاختيار وزراء جدد لثلاث حقائب وزارية محورية تشمل الخارجية، الإعلام، والتنمية الاجتماعية، في إطار ترتيبات حكومية تستهدف مواكبة التحولات السياسية والعسكرية التي تشهدها البلاد منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.

وبحسب مصادر إعلامية محلية، برزت أسماء بارزة في الترشيحات الأولية، من بينها السفير السابق نور الدين ساتي لوزارة الخارجية، على الرغم من نفي المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء هذه الأنباء، واعتبارها “مضللة ولا تستند إلى مصدر رسمي”. كما طُرح اسم الإعلامي أحمد القرشي، مسؤول الأخبار بقنوات العربية وMBC، لتولي وزارة الإعلام، إلى جانب ترشيح سليمي إسحاق، مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة، لحقيبة التنمية الاجتماعية.

ورغم تداول اسم ساتي، ترجّح مصادر استبعاده من التشكيلة الوزارية على خلفية مواقفه السابقة التي وُصفت بأنها “مناهضة للجيش ومعركة الكرامة”، ما أثار تحفظات في الأوساط السياسية، على الرغم من عدم اعتراض الفريق أول عبد الفتاح البرهان على تعيينه. وتشير التقديرات إلى أن إدريس قد يتجنب المغامرة السياسية بتعيينه تفاديًا لأي تصعيد شعبي أو سياسي محتمل.

حكومة تحت الضغط

يأتي هذا الحراك وسط تعثر مستمر في تشكيل حكومة بورتسودان، التي كُلّف بها إدريس منذ 18 مايو الماضي، حيث لم يتم حتى الآن إعلان سوى خمس وزارات فقط من أصل 22، تشمل الدفاع، الداخلية، الصحة، الزراعة، والتعليم العالي، فيما لا تزال وزارات محورية مثل المالية، النفط، والمعادن، محل خلاف سياسي محتدم.

وتتركز الأزمة حول مطالب الفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء القوات المشتركة، والتي تقاتل إلى جانب الجيش، بالحصول على حصص وزارية وفق اتفاق جوبا للسلام (2020). في المقابل، يعترض إدريس على ترشيحات بعض الأسماء ذات الخلفيات الإسلامية والمقربة من النظام السابق، مما عمّق التوتر مع تلك القوى.

تسوية متأخرة برعاية البرهان

وبحسب مصادر رسمية، توصلت الحكومة لاتفاق سياسي نهائي مع الفصائل، يقضي بمنحها ست وزارات اتحادية، خمس منها خُصصت لمسار دارفور، وواحدة لمسار المنطقتين (النيل الأزرق وجنوب كردفان). وقد جاء هذا التفاهم بعد أزمة تفجّرت إثر إعلان إدريس حل الحكومة السابقة وتعهده بتشكيل حكومة “تكنوقراط مستقلة”، وهو ما قوبل برفض قاطع من قيادات القوات المشتركة، التي هددت بفض الشراكة والانحياز للطرف الآخر في النزاع.

وتدخل الفريق أول عبد الفتاح البرهان شخصيًا لاحتواء الأزمة، عقب عودته من مؤتمر تمويل التنمية في إسبانيا، ليحسم الخلافات بإعادة وزارة المالية لحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، فيما احتفظت حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي بحقيبة المعادن.

“حكومة الأمل”… بين الطموح والعُقد

وفي ظل هذه الترتيبات الهشة، تظل حكومة “الأمل” — كما تُسمى إعلاميًا — رهينة توافقات سياسية معقدة وتوازنات دقيقة، في وقت تتزايد فيه التحديات الأمنية والاقتصادية، وتترقب فيه البلاد استعادة الاستقرار وبناء مؤسسات مدنية قادرة على إدارة مرحلة انتقالية محفوفة بالتعقيد والمخاطر.