السودانيون في ليبيا يواجهون مأزق العودة وسط إغلاق الحدود وتراجع الهجرة غير النظامية

رصد: رقراق نيوز
يواجه آلاف اللاجئين السودانيين المقيمين في ليبيا، لا سيما من أصحاب الكفاءات في القطاع العام، أوضاعًا معيشية صعبة في ظل انسداد سبل العودة إلى بلادهم، وتدهور فرص العمل داخل ليبيا، بحسب ما أفادت به مصادر محلية وإنسانية.
وتشمل هذه الفئة أساتذة جامعيين، ومهندسين، وأطباء، وغيرهم من المهنيين الذين فرّوا من الحرب التي اندلعت في السودان في أبريل 2023. ويؤكد لاجئون أن الظروف في ليبيا لم تعد مواتية للإقامة أو العمل، بينما تزداد المطالبات بإيجاد آلية آمنة لإعادة هؤلاء إلى السودان.
وتفاقمت الأزمة مع سيطرة قوات “الدعم السريع” على المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، ما أدى إلى إغلاق شبه تام للطريق البري الذي كان يُعد المسار الأساسي لعودة اللاجئين. كما شهدت حركة الهجرة غير النظامية من السودان عبر الحدود الليبية تراجعًا كبيرًا في الأسابيع الأخيرة، نتيجة تصاعد المخاطر الأمنية وانتشار الجماعات المسلحة في الجنوب الليبي.
وقالت الدكتورة هالة ميرغني، وهي أستاذة جامعية سودانية تقيم في طرابلس، إن “الوضع بات لا يُحتمل”، مطالبة السفارة السودانية والسلطات المعنية باتخاذ خطوات عاجلة لترحيل العالقين، خاصة أن فرص العمل والدعم الإنساني داخل ليبيا في تراجع مستمر.
من جانبه، دعا السفير السوداني الأسبق في ليبيا، حاج ماجد سوار، الحكومة السودانية إلى تحمّل مسؤوليتها تجاه الكفاءات الوطنية الموجودة في الخارج، مؤكدًا أن “استثمار هذه العقول في عملية إعادة بناء الدولة بات ضرورة ملحّة”.
ويرى الدكتور أحمد عبد الرحمن، أستاذ مشارك بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، أن العودة البرية باتت مستحيلة، داعيًا إلى فتح ممر إنساني جوي لإعادة العالقين. وأوضح أن صعوبة الطرق، وتدهور الأمن، وارتفاع تكلفة النقل، جميعها تجعل العودة الطوعية غير ممكنة في ظل المعطيات الحالية.
وتقدّر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدد السودانيين الذين لجأوا إلى ليبيا منذ اندلاع الحرب بأكثر من 300 ألف شخص، معظمهم يواجهون أوضاعًا معيشية صعبة تشمل محدودية فرص العمل، ونقصًا في السكن والرعاية الصحية والتعليم، بينما تُحذّر منظمات إنسانية من نفاد المساعدات الغذائية مع اقتراب فصل الخريف.
وفي تصريح لراديو “دبنقا”، قال الناشط السوداني أحمد الحسن إن الطريق البري إلى ليبيا عبر السودان لم يعد خيارًا للمهاجرين، حيث تقوم قوات الدعم السريع بإرجاعهم من نقاط العبور، فيما أصبحت الصحراء الجنوبية الليبية أكثر خطورة بسبب انتشار العصابات المسلحة. وأضاف: “من يحاول المغامرة بالعبور قد يُنهب أو يُترك في العراء دون ماء أو حماية”.
وأشار الحسن إلى أن الطريق نحو أوروبا عبر ليبيا لم يعد كما كان، رغم أن الصيف عادةً يمثل موسمًا تقليديًا للهجرة بسبب استقرار الأوضاع الجوية في المتوسط. لكنه شدد على أن حالة اليأس المتزايدة داخل السودان ما زالت تدفع الشباب نحو الهجرة، رغم إدراكهم للمخاطر.
وتأتي هذه التطورات وسط دعوات متزايدة للحكومة السودانية لتنسيق جهود وطنية ودولية لإجلاء المواطنين من ليبيا، أو على الأقل ضمان ظروف معيشية كريمة لهم داخل أماكن وجودهم، في ظل انسداد الأفق السياسي وغياب استراتيجية حكومية واضحة لإعادة دمجهم في مؤسسات الدولة.