نيالا تحت النار.. صراع داخلي دموي يعصف بمليشيا الدعم السريع

تقرير: ياسر محمد محمود البشر

تشهد مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور توتراً أمنياً غير مسبوق، إثر تفجر صراع دموي داخل مليشيا الدعم السريع، يعكس حالة الانقسام العميق بين مكوناتها القبلية، وسط تبادل اتهامات وتنفيذ عمليات تصفية واغتيالات متبادلة.

البداية: تصفيات داخلية واتهامات بالولاء للفلول

اندلعت شرارة الأحداث عقب إصدار القائد الثاني للمليشيا عبد الرحيم دقلو قراراً باعتقال وتصفية العقيد “خلاء الفنجرى”، مسؤول ملف الظواهر السالبة، بدعوى تواصله مع “الفلول والكيزان”، إلى جانب مقتل المقدم “خلاء الليد” في وقت سابق، وهما من أبناء قبيلة المسيرية.

شعرت مكونات المسيرية داخل المليشيا بأنها مستهدفة، ما دفع قيادة الدعم السريع لتحويل قيادة ملف “الظواهر السالبة” من أبناء المسيرية إلى قبيلة البني هلبة، وتم تعيين أحد أفرادها في هذا المنصب الحساس.

الشرارة الأولى: اعتقالات وتوتر قبلي

بدأت الأزمة حين تم اعتقال 12 جندياً من المسيرية، بتهمة مخالفة المظهر العام وحمل السلاح في الأسواق، وتم إيداعهم بحراسات سوقي الشعبي وجبرونا بنيالا. وفشلت محاولات عمد ومشايخ المسيرية في إطلاق سراحهم.

وبعد تدخل المستشار العام للمليشيا النذير يونس مصطفى – وهو من أبناء المسيرية – طالب القائد أحمد بركة الله بتسريع إجراءات المحاكمة أو الإفراج، غير أن الأخير تجاهل التوجيه، ما فُسر على أنه استفزاز متعمد.

اغتيال داخل القسم وإشعال نار الفتنة

في يوم 12 أبريل، توجه أفراد مسلحون من المسيرية إلى القسم للمطالبة بالإفراج عن المقبوض عليهم، ليتطور الموقف إلى مشادة كلامية مع “حسن دقّة”، أحد أفراد البني هلبة، انتهت باغتياله بثلاث رصاصات في الرأس والعنق، داخل مكتب التحري.

رد الفعل كان دموياً، حيث ألقى أحد أفراد البني هلبة قنبلة (قرنيت) داخل الحراسة، ما أسفر عن مقتل 12 من المسيرية، ليتبع ذلك اشتباك مسلح عنيف لم يدم طويلاً، لكن آثاره كانت كارثية.

اغتيال القائد بركة الله وتصاعد المواجهة

مع تزايد التوتر، وصلت تعزيزات عسكرية يقودها اللواء أحمد بركة الله، قائد الدعم السريع بجنوب دارفور، الذي قُتل فور وصوله برصاص مباشر، في عملية اغتيال تشير أصابع الاتهام فيها لأفراد من المسيرية. وهو ما فجر اشتباكات جديدة بعد أن فتح أبناء الرزيقات – قبيلة بركة الله – نيرانهم على المسيرية، لتتحول المواجهة إلى نزاع قبلي داخل مليشيا واحدة.

فوضى واسعة وسرقة الأسواق

توسعت رقعة الاشتباكات، واندلعت أعمال نهب و”شفشفة” داخل السوق الشعبي بنيالا، حيث شاركت فيها مجموعات محسوبة على المليشيا.

وفي صباح الأحد 13 أبريل، تعرضت محكمة نيالا شمال لهجوم مباغت من مسلحين يستقلون دراجات نارية استخدموا قذائف الـRPG، ما أدى إلى تفجير عربتين قتاليتين، وهو ما تسبب في دوي انفجارات سُمعت في أحياء عدة بينها الدروة والسلام و”الخرطوم بالليل”.

هجمات متواصلة وانهيار أمني

لاحقاً، تحركت المجموعات المسلحة نحو سوق موقف الجنينة، وهاجمت ارتكازات عسكرية تتبع للدعم السريع، ما أدى إلى انسحاب القوة المستهدفة باتجاه دوماية. تزامن ذلك مع اقتحام سوقي العطور والملبوسات، ووقوع عمليات نهب واسعة.

المشهد الآن: فوضى وصدامات متوقعة

ما تزال مدينة نيالا تعاني من حالة فوضى عارمة وتشظٍ واضح داخل مليشيا الدعم السريع، وسط اتهامات لقيادتها باتباع سياسة “فرق تسد” التي زادت من حدة التوتر القبلي داخل صفوفها.

وتشير المعلومات إلى أن صداماً كبيراً وشيك الوقوع بين قبائل الترجم وبقية مكونات الدعم السريع، خصوصاً “الآبالة”، في ظل صراع تاريخي بينهم وبين الرزيقات. ويُتوقع أن تشهد الساعات القادمة مزيداً من التصعيد في نيالا.