
تعيين رئيس وزراء: بوابة أساسية لإعادة السودان إلى المنظمات الإقليمية
بقلم: نضال طبيق
منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023 بين القوات المسلحة ومليشيا الدعم السريع، دخلت البلاد في واحدة من أسوأ أزماتها السياسية والإنسانية في التاريخ الحديث. أدت هذه الحرب إلى انهيار شبه كامل في مؤسسات الدولة، وتدهور الوضع الاقتصادي، ونزوح الملايين داخل وخارج البلاد. كما انعزل السودان عن محيطه الإقليمي والدولي، بعد تعليق عضويته في الاتحاد الأفريقي والمنظمات الإقليمية الأخرى نتيجة لغياب حكومة مدنية قائمة على التوافق الوطني. وسط هذا المشهد المعقد، بات من الضروري اتخاذ خطوات عملية لإعادة ترتيب المشهد السياسي، تبدأ بتعيين قيادة تنفيذية تمثل نقطة انطلاق لمسار الاستقرار السياسي.
لا يحمل تعيين رئيس وزراء في السودان بعدًا إداريًا أو شكليًا فحسب، بل يُعد نقطة تحول فارقة في مسار البلاد، خاصة بعد ما مرت به من حرب مدمرة وانهيار لمؤسسات الدولة. في ظل هذا الواقع، يصبح وجود قيادة تنفيذية قوية وقادرة على التنسيق بين الأطراف الوطنية أمرًا ملحًا لضمان وحدة السودان واستقراره، والتأسيس لمشروع وطني يعيد للبلاد مكانتها وهيبتها.
من الناحية الدبلوماسية، تشترط المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الأفريقي والإيقاد اتخاذ خطوات عملية تعكس احترام إرادة الشعب وتعزز فرص الحوار الوطني. ومن هذا المنطلق، فإن تعيين رئيس وزراء مستقل يحظى بقبول واسع يُعد بمثابة المفتاح السياسي الذي يمكن أن يعيد الثقة الإقليمية والدولية في السودان.
إن هذه الخطوة تمثل البوابة الأساسية لإعادة إدماج السودان في محيطه الإقليمي، وفي مقدمتها الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد. كما أنها تفتح آفاقًا جديدة للتعاون والمشاركة في صنع القرار الإقليمي، والحصول على الدعم السياسي والاقتصادي اللازم لإعادة بناء الدولة، والتصدي للتحديات الأمنية والإنسانية.
وبالتالي، فإن تعيين رئيس وزراء لا يُعد مجرد إجراء داخلي، بل هو رسالة موجهة إلى الداخل والخارج تؤكد عزم السودان على تجاوز أزمته، وبناء دولة مستقرة قادرة على استعادة دورها ومكانتها في الساحتين الإقليمية والدولية.