جبال النوبة تستغيث من كارثة إنسانية “الجوع وسوء التغذية .. الاوبئة وانعدام الدواء” هل من مغيث؟

ـ تقرير الحملة لمدينة الدلنج : سؤ التغذية وسط الأطفال بنسبة 90%
ـ المدير الطبي لمستشفى الأم بخيتة الدلنج: وفاة 14 طفلًا بسبب سوء التغذية
ـ أختصاصية التغذية العلاجية: نفاد إمدادات التغذية منذ يونيو 2024م
ـ الناطق الرسمي لمبادرة سد الحوجة لشباب كادقلي: يعيش كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، النساء الحوامل والأطفال اوضاعاً مأساوية
ـ مختص في قضايا جبال النوبة: تجاهل الأزمة سيتسبب في كارثة إنسانية لا يمكن احتواؤها.
تحقيق : فدوى خزرجي
يعاني الألاف من المدنيين في منطقة جبال النوبة بولاية جنوب كردفان، من انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية والمجاعة نتيجة النزاعات المسلحة الحالية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والتي ادت إلى تفاقم الوضع بشكل كبير على حياة المدنيين، الذين ظلوا يعانون من أوضاع متردية منذ اندلاع النزاع في عام 2011م. بين الجيش والحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، مما قاد إلى أزمة إنسانية حادة وغير مسبوقة، تلك المواجهات المستمرة والحصار المفروض على المنطقة من قبل قوات الدعم السريع جعلها معزولة تماماً عن العالم الخارجي والمحيط المحلي، وعطّل وصول المساعدات الإنسانية وحركة البضائع للمدنيين، حيث بلغ الوضع في الإقليم وصف الكارثة الإنسانية، وأصبح المدنيين يعانون من نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية والخدمات العلاجية، والأطفال يعيشون في ظروف صعبة تهدد حياتهم بسبب سوء التغذية، حيث يعاني حوالي “54.126” طفل بنسبة 90% بسوء التغذية حسب تقارير طبية، كما أدت المعارك الدائرة إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في الإقليم بشكل وصف بالماسأوي، حسب أفادات مختصين قي قضايا جبال النوبة وناشطين في مجال حقوق الإنسان لموقع (رقراق).
الجوع وانعدام الدواء
بسبب الحصار المضروب على منطقة هبيلا وقرى التيتل والظلنطاية وجبل الداير والقرى حول هبيلا، من قبل قوات الدعم السريع وقفلها للطريق الرابط بين الدلنج ومدينة الأبيض تفاقم الوضع في تلك المناطق من نقص المواد الغدائية والأدوية، وقال الناطق الرسمي لمبادرة سد الحوجة لشباب كادوقلي المحامي حيدر كيكي في تصريح لـ(رقراق) يعيش كبار السن الذين لا عائل لهم في الأحياء الطرفيه من كادقلي وايضا المكفوفين والمعاقين حركياً، وأصحاب الأمراض المزمنة، النساء الحوامل والأطفال اوضاعاً مأساوية حيث لايستطيعون سد رمق جوعهم، ونوه إلى أن أكثر الشرائح التي تحتاج إلى متابعة ورعاية طبية الآن هم مرضى الكلى والسرطان.
وأضاف: هذا الوضع الاستثنائي والصعب ناتج عن عدة أسباب متداخلة، أبرزها المواجهات المباشرة على طول الطريق القومي، والنزوح الكبير غير المسبوق لمواطني القرى المجاورة إلى المدن الكبرى، إضافة إلى فشل الموسم الزراعي العام الماضي بسبب الآفات الزراعية والمهددات الأمنية، ونتيجة لذلك، انتشرت المجاعة التي أثرت بشكل كبير على الأطفال والنساء وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة عدم قدرة مرضى غسيل الكلى والسرطان على تلقي العلاج بسبب اغلاق كافة المستشفيات ومراكز غسيل الكلى، وإنعدام الأدوية المنقذة للحياة من بينها إنعدام المحاليل الوردية، بجانب عدم وجود اختصاصي أورام مما أجبر بعض المرضي على تناول الأدوية بدون متابعة أو استشارة طبية، وعدم الرعاية الصحية أدى بدوره إلى وفاة حالتين حالة واحدة من مرضى الكلى توفت في الطريق، والحالة الثانية مريض سرطان، أثناء ترحيل جزء منهم إلى مستشفى الأبيض لتلقي العلاج، ووصف الوضع في كادقلي والقرى في غاية السوء.
وتابع : في ظل انهيار النظام الصحي وغياب الرعاية الصحية الأساسية والمتقدمة جعل من انتشار الأمراض والأوبئة مثل الكوليرا والملاريا والتايفويد وأمراض العيون التي تهدد حياة الآلاف من المواطنين، والأسر البعيده والمنسيه خاصةً النازحين الذين يعانون في مناطق الإيواء المؤقتة مثل الرواكيب الطرفيه والتجمعات، ووصف الوضع الصحي بالكارثي.
وزاد كيكي على الرغم من وجود مطابخ تعمل ومبادرات لسد الحوجة كذلك، لكنها لا تغطي الحوجة، نسبة لأن اعداد النازحين كبيرة، كما أنها تركزت فقط على مراكز الإيواء من مدارس وغيرها، بجانب وجود أطفال في غير مناطق الإيواء، و مواطنين ياتون من مناطق سيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان التي أعلنت المجاعة في مناطقها سابقا، وأردف : بالتالي المعاناة كبيرة.
سوء تغذية والوفيات
مع تفاقم النزاعات المتعدد الأطراف والحصار المفروض على المنطقة ارتفعت معدلات سوء التغذية والوفيات بين الأطفال وحول ذلك ذكر الرئيس المناوب للتحالف المدني لجبال النوبة محمد البابو كافى كوكو في بيان تحصل عليه موقع (رقراق) بأن المدير الطبي لمستشفى الأم بخيتة الدلنج أعلنت عن وفاة 14 طفلًا بسبب سوء التغذية في مراكز الإيواء ومستشفى الدلنج التعليمي، مع وجود أكثر من 400 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، وهو ما يمثل 3٪ من سكان المدينة، كما يعاني 1000 طفل آخر من سوء التغذية المتوسط بنسبة 7٪ من السكان.
ومن جهتها أعلنت أختصاصية التغذية العلاجية بالولاية د. إيمان ضلمان كباشي وفاة 5 أطفال في مستشفى كادقلي نتيجة سوء التغذية الحاد، مع نفاد إمدادات التغذية منذ يونيو 2024م، وهذه الظروف جعلت الإقليم أشبه بسجن تجويع كبير، مع تزايد احتمالات وقوع كارثة إنسانية بدأت بوادرها بالظهور، حيث ارتفعت حالات سوء التغذية وسط الأطفال نتيجة لنقص المواد الغذائية حسب تقرير حملة رعاية أطفال سوء التغذية لمدينة الدلنج الذي تحصل عليه موقع (رقراق)، حيث بلغت الحالات حوالي، 54.126 حالة بنسبة 90%، من بينها 188 طفلًا يعانون من سوء التغذية الحاد بنسبة 7%، و441 طفلًا يعانون من سوء التغذية المتوسط بنسبة 3%، وحالتن فقر دم بنسبة 01,%، ونوه التقرير بينما لا تزال الأرقام في تصاعد في مناطق أخرى من الولاية.
نداء استغاثة
ووفقاً للذلك أطلق التحالف المدني لجبال النوبة نداء استغاثة في بيان تحصل عليه (رقراق) عاجلة إلى المجتمع المحلي، الإقليمي والدولي، والحكومة السودانية، وكافة المنظمات الإنسانية بالتدخل العاجل لتقديم المساعدة الضرورية للمواطنين المدنيين في جميع مناطق الإقليم دون أي قيود. ونوه إلى أن تكون هناك استجابة سريعة لضمان توفير الغذاء والرعاية الصحية للأطفال وأسرهم قبل أن تتفاقم الأزمة.
كما دعا إلى وقف النزاعات المسلحة والعمل على تحقيق السلام والاستقرار في البلاد ، وناشد أيضًا المجتمع الدولي والمحلي والإقليمي للضغط على أطراف النزاع لفتح مسارات آمنة لوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين في المنطقة، وتوفير الحماية للعاملين في مجال الإغاثة لتمكينهم من أداء واجبهم الإنساني بكفاءة.
تهديداً خطيراً
اظهرت التقارير الأخيرة من منظمات الأمم المتحدة إن الوضع في جبال النوبة يتدهور بسرعة، مما يشكل تهديدًا خطيراً لحياة الآلاف من المدنيين وحسب مراحل إنعدام الأمن الغذائي وفق التصنيف المرحلي المتكامل (IPC)، نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) هو أداة تُستخدم عالمياً لتحديد شدة انعدام الأمن الغذائي وتوجيه الاستجابات الإنسانية المناسبة. يصنف النظام الأزمة إلى خمس مراحل، وأوضح : تصنف المرحلة الأولى بانعدام الأمن الغذائي الأدنى تمثل (لا يوجد)، لكن تكون الأسر قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية، ولا تحتاج إلى تدخلات إنسانية فورية، إما المرحلة الثانية تمثل (الضغط) الأسر تستطيع تلبية احتياجاتها الغذائية، لكنها تواجه صعوبة في تلبية الاحتياجات غير الغذائية مثل الرعاية الصحية والتعليم دون استنزاف مواردها. كما تصنيف المرحلة الثالثة تمثل (الأزمة) تبدأ الأسر في هذه المرحلة في تقليل استهلاكها الغذائي أو استنزاف مواردها الأساسية. وتتميز هذه المرحلة بسوء التغذية الحاد، خصوصًا بين الأطفال والفئات الضعيفة.
وذكر التقرير: أن المرحلة الرابعة تمثل (الطوارئ) وفي هذه المرحلة الأسر تعاني من فجوات حادة في استهلاك الغذاء مع ارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد والوفيات. المساعدات الإنسانية العاجلة مطلوبة لإنقاذ الأرواح.، أما المرحلة الخامسة مرحلة المجاعة تمثل (الكارثة)،في هذه المرحلة، يعاني السكان من نقص شديد في الغذاء مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفيات بسبب الجوع والمجاعة. هذا هو الوضع الأكثر حدة ويستلزم تدخلاً فوريًا وشاملاً.
الوضع الغذائي كارثي
وفقًا للتصنيف، المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، قال الناشط في مجال حقوق الإنسان ومختص في قضايا جبال النوبة د. سلام حسن توتو: إن الوضع في جبال النوبة يشهد تدهورًا خطيراً، حسب التحليل الذى تم بواسطة مجموعة العمل الفنى التابعة للتصنيف المرحلى المتكامل لخطر المجاعة فى (16) منطقة فى السودان و مناطق النازحين و اللاجئين من ضمنها مناطق فى جبال النوبة مثل كادقلى حيث توقع التحليل الأرقام التالية فى جبال النوبة بأن حوالي 16,505 شخصًا يعانون من المرحلة الخامسة (المجاعة)، و 301,927 شخصًا في المرحلة الرابعة (الطوارئ)، بجانب 699,840 شخصًا يعانون من المرحلة الثالثة (الأزمة)، أي ما يعادل بنسبة 33٪ من سكان المنطقة، ووصف الوضع الغذائي في جبال النوبة بالكارثي.
وتابع : أما الوضع الصحي في مرحلة الانهيار، حيث توقفت مراكز غسيل الكلى في الولاية عن العمل منذ يوليو، مما أجبر المرضى على التوجه إلى مستشفيات في مدن بعيدة مثل الأبيض. ونظرًا لإغلاق الطرق، تستغرق الرحلة إلى هناك أسبوعاً، مما أدى إلى وفاة عدد من المرضى قبل وصولهم للعلاج، بالإضافة إلى أن المستشفيات والمرافق الصحية تعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية.
وناشد المجتمع السوداني والمنظمات الإنسانية الدولية والمحلية بتقديم مساعدات عاجلة لإنقاذ حياة الآلاف من السكان الذين يواجهون خطر الموت بسبب الجوع وسوء التغذية. كما طالب أطراف النزاع في المنطقة بفتح ممرات إنسانية آمنة لتسهيل وصول المساعدات الغذائية والطبية الضرورية، واقترح في فى حالة تاخير عملية فتح الممرات الآمنة بأن يتم البحث عن طرق بديلة لإيصال المعينات الأنسانية من ضمنها عملية الإسقاط المباشر للغذاء و الدواء كما طالب بضرورة الضغط على اطراف النزاع بوقف إطلاق النار لأغراض إنسانية و فتح ممرات آمنة لمرور المساعدات الإنسانية،ونوه توتو إلى أن تجاهل هذه الأزمة سيتسبب في كارثة إنسانية لا يمكن احتواؤها، وشددت على ضرورة تقديم المساعدة الفورية لضمان نجاة السكان وتخفيف معاناتهم.